إعادة ترشيح البشير.. مساع برلمانية في ظل مواكب التنحي

Sudan's President Omar al-Bashir addresses the nation on the eve of the 63rd Independence Day anniversary at the Presidential Palace in Khartoum, Sudan December 31, 2018. REUTERS/Mohamed Nureldin Abdallah
البشير يواجه مطالب بالتنحي والبرلمان يسعى للتمديد له (رويترز)

مر شهران منذ بدء الاحتجاجات التي تشهدها بعض مدن السودان وفي مقدمتها العاصمة الخرطوم، والتي بدأت بمنحى اقتصادي بحت لتتحول بعد ذلك إلى حراك سياسي يطالب بإسقاط النظام وتنحي الرئيس عمر البشير.

الحراك يتسع ويصبح واقعا يعيشه السودانيون في الداخل والخارج، وإن كان يخفت أحيانا إلا أنه يطل من جديد وتتعدد وسائله.

هذه الاحتجاجات جاءت في وقت يستعد فيه البرلمان لمناقشة تعديلات دستورية تتيح للرئيس عمر البشير الترشح لفترات غير محددة، وحتى أحزاب المعارضة الموقعة مع الحكومة مخرجات ما عرف بالحوار الوطني وصارت تشارك في حكومة الوفاق الوطني كانت تدعم هذه التعديلات.

غير أن ما يجري هذه الأيام دفع بمعظم هذه الأحزاب إلى النأي بنفسها عن هذه التعديلات، ورفع تجمع يضم 26 حزبا بقيادة رئيس منبر السلام العادل الطيب مصطفى -وهو خال الرئيس البشير- مذكرة إلى البرلمان ترفض فيه إجراء أي تعديل على الدستور يسمح بإعادة ترشيح البشير لفترة رئاسية أخرى.

مذكرة وانسحاب
وأكد مقدمو المذكرة أن مبادرتهم تأتي في إطار إيجاد مخرج للأزمة السياسية الراهنة، خاصة بعد التطورات الأخيرة وما نجم عنها من احتجاجات عمت العاصمة وعددا من الولايات.

‪مؤتمر صحفي لتحالف
‪مؤتمر صحفي لتحالف "الجبهة الوطنية للتغيير" في الخرطوم لإعلان مطالبها بتشكيل مجلس سيادة انتقالي وحل الحكومة والبرلمان‬ (مواقع التواصل الاجتماعي)

كما انسحب عدد من أحزاب حكومة الوفاق الوطني من الحكومة، وفي مقدمتها حزب الإصلاح الآن بقيادة غازي صلاح الدين وحزب الأمة-الإصلاح والتجديد بقيادة مبارك الفاضل، وشكلت هذه الأحزاب ما يعرف بالجبهة الوطنية للتغيير.

كما دفعت هذه الاحتجاجات إلى موجة من الإرباك في صفوف حزب المؤتمر الشعبي المعارض، وانضم كثير من شبابها لصفوف الاحتجاجات، وطالب عدد من الكوادر بالانسحاب من الائتلاف الحكومي، خصوصا بعد مقتل الأستاذ أحمد الخير وهو أحد كوادر الحزب.

ولم يسلم الحزب الاتحادي الديمقراطي-الأصل بزعامة محمد عثمان الميرغني من ضغوط قواعده التي تطالب بالانسلاخ من الحكومة، وكذلك الحزب الاتحادي الذي ينتمي إليه وزير الداخلية الحالي أحمد بلال عثمان.

مخالفة للدستور
وحتى من داخل حزب المؤتمر الوطني الحاكم برز عدد من الأصوات الرافضة لإجراء التعديلات الدستورية وبالتالي التجديد للبشير، ومن أبرزهم القيادي في الحزب أمين حسن عمر الذي أرسل إلى البرلمان مذكرة قوية هاجم فيها خطوة التعديلات.

‪أمين حسن عمر يرى بطلان تعديل الدستور للتمديد للبشير‬ (الجزيرة)
‪أمين حسن عمر يرى بطلان تعديل الدستور للتمديد للبشير‬ (الجزيرة)

ووصف حسن عمر هذه التعديلات بأنها مخالفة للدستور و"باطلة من الأساس"، لأنها ليست من اختصاص البرلمان وإنما هي حق رئاسي إذا طالبت به مؤسسة الرئاسة فللبرلمان مناقشته بعد ذلك، حسب قوله.

وقال في هذا الصدد "إن الهيئة التشريعية القومية يجوز لها النظر في تعديلات قد ترد من رئيس الجمهورية ولها إمضاء تلك التعديلات أو تعديلها أو رفضها بالكامل، بينما لا يجوز لها بأية حال من الأحوال أو تأويل من التأويلات التي قد ينتحلها المنتحلون أن تبادر بتعديلات من أعضاء بالهيئة".

ويرى بعض المراقبين أن مذكرة أمين حسن عمر تعكس وجهة نظر كثيرين داخل الحزب الحاكم.

ولكن أمين يرى أن الدعوة إلى تنحي البشير غير مقبولة وفيها خروج على الشرعية الدستورية، لكنه في المقابل يؤكد عدم منطقية إجراء أي تعديلات تمكن الرئيس من البقاء لفترات غير محددة في الحكم.

‪الاحتجاجات في السودان دخلت شهرها الثالث مطالبة بتنحي الرئيس وسقوط النظام‬ (مواقع التواصل الاجتماعي)
‪الاحتجاجات في السودان دخلت شهرها الثالث مطالبة بتنحي الرئيس وسقوط النظام‬ (مواقع التواصل الاجتماعي)

ويبدو لبعض المحللين أن ما يجري في الساحة السودانية هو ما جعل البرلمان السوداني يفكر في تبني تشريع يحمي الرؤساء من الملاحقة القانونية بعد انقضاء فترة حكمهم، وهو ما يشير إلى رغبة بدأت تتأصل داخل حزب المؤتمر الوطني لعدم ترشيح البشير لانتخابات 2020 والدفع بمرشح آخر.

غير أن المتنفذين في الحزب الحاكم يقولون إن كل ذلك لن يؤثر في النظام، ويصرون على أن الفيصل بينهم وبين الحراك المعارض لهم هو انتخابات عام 2020، وأن ما يجري في الشارع الآن سينتهي ويخفت تدريجيا بمرور الوقت.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية