الرحالة كريستوفر كولومبوس مكتشف الأميركتين

كريستوفر كولومبوس أمضى سنوات وهو يحاول إقناع ملوك إسبانيا والبرتغال بتمويل رحلته الاستكشافية (شترستوك)

رحالة ومستكشف إيطالي، ينسب إليه اكتشاف العالم الجديد (الأميركتين: قارة أميركا الشمالية وقارة أميركا الجنوبية) قبل 5 قرون مضت على رحلاته الاستكشافية التي أبحر فيها من إسبانيا باتجاه الغرب نحو آسيا.

وهو أحد أشهر الشخصيات في تاريخ الاكتشافات الجغرافية بين القرنين الخامس عشر والسادس عشر.

المولد والنشأة

ولد كريستوفر كولومبوس الملقب بـ"أميرال البحر والمحيط"، في يوم لم يعرف بالتحديد، ما بين شهر أغسطس/آب وشهر أكتوبر/تشرين الأول من عام 1451، في مدينة جنوة شمال غرب إيطاليا، التي تعد من أعرق المجتمعات الملاحية في أوروبا.

وترعرع -وهو الابن الأكبر بين 5 أشقاء- وسط عائلة بسيطة، فوالده دومينيكو كولومبو كان ينتمي للطبقة الوسطى، وعمل في حياكة الصوف، أما والدته فكانت ابنة حائك أيضا.

ووفقا لما أعلنه هو نفسه في رسالة، فقد بدأ الإبحار في سن الـ14 من عمره حين اشتغل في سفينة تجارية، وفي عام 1473 كان في خدمة تجار جنوة، وركب السفن المستخدمة في الحركة التجارية البحرية الكبيرة.

الدراسة والمهنة

تلقى كولومبوس مقدارا قليلا من الدراسة الرسمية ولم يتعلم القراءة والكتابة إلا عندما ذهب للبرتغال، وهناك درس الرياضيات والفلك وعلم الملاحة والخرائط في لشبونة، وبدأ حياته المهنية عام 1476 بحارا في خدمة البرتغاليين، وكانوا أفضل البحارة في ذلك الوقت، إذ كانت مملكة البرتغال أول دولة أوروبية تنطلق لغزو المحيطات.

وكان آنذاك ربانا بحريا في الأسطول التجاري البرتغالي، وتعلم جميع أصول الملاحة التي يمكن أن تكتسب من ممارسة العمل في السفن، وإلى جانب ذلك كان قارئا شغوفا لجميع كتب الجغرافيا وعلم الفلك.

ثم استقر في مدينة لشبونة مركز المشاريع البحرية الأوروبية آنذاك. وكان حينها في الـ24 من عمره، وعمل مع أخيه الأصغر بارثولميو في تصميم وطبع الخرائط، التي كانت توضع اعتمادا على المعلومات ومسودات الرسوم التي يعود بها البحارة من رحلاتهم.

في عام 1476 هاجم قراصنة سفينته وأغرقوها لكنه نجا من الغرق ووصل إلى اليابسة في سواحل البرتغال على متن قطعة خشب.

فكرة الرحلة الاستكشافية

نمت رغبة كولومبوس في الوصول إلى جزر الهند عبر المحيط الأطلسي بشكل كبير، ويرجع السبب لعدة عوامل منها، رؤيته للخرائط الجغرافية التي أنتجها شقيقه، والقصص التي وصلت إلى السواحل البرتغالية واكتشافات القطع الأثرية قبالة جزر المحيط الأطلسي.

كان مشروعه يهدف إلى الوصول إلى -جزر الهند- شرقي آسيا بالإبحار غربا، وانطلاقا من وجهة النظر هاته قرر خوض المغامرة معتمدا على أحدث خرائط علماء عصره، الإيطالي باولو توسكاني (1492-1397) والألماني مارتين بهايم (1507/1459) المتخصصين في الرياضيات والفلك.

وقدم كولومبوس في عام 1484 اقتراحه إلى ملك البرتغال يوحنا الثاني فرفض تمويل رحلته الاستكشافية، ثم توجه بطلبه إلى ملوك إسبانيا الكاثوليك، وبعد سنوات من المحاولات الفاشلة، وافقت الملكة إيزابيلا والملك فرديناند رسميا في 17 أبريل/نيسان 1492 على تقديم الدعم لمقترحه، مع التأكيد على أهدافه التجارية (اكتشاف طريق بحري أقصر وأقل تكلفة لاستغلال الأسواق الغنية في الصين واليابان).

أبحر كولومبوس قبل فجر الجمعة 3 أغسطس/آب من مرفأ بالوس الإسباني، بالقوافل الثلاث الشهيرة (نينا، وبنتا، وسانتا ماريا) عبر المحيط الأطلسي، ووصل الجزر الكاريبية في 12 أكتوبر/تشرين الأول 1492، فيما كان اكتشافه لأرض القارة الأميركية الشمالية في رحلته الثانية عام 1498م.

وبعد هذه الرحلة تعرض للسجن، إذ اتهم بممارسة العنف بحق السكان الأصليين، ثم أفرج عنه ليخوض رحلته الأخيرة عام 1502م، واكتشف خلالها العديد من الجزر الجديدة.

مكتشف الأميركتين

يشير بعض المؤرخين إلى أن كولومبوس توفي وهو يظن أنه وصل جزر الهند، ومع أنه قضى 10 سنوات في السعي للحصول على من يدعم فكرته هاته، فإنه لم ينفذها، فقد كانت تقف في طريقه قارة شاسعة لم يكن يعرف بوجودها. ولم يعلم أنه "اكتشف" الأميركتين بالصدفة.

لكن المستكشف الإيطالي أميركو فسبوتشي أدرك لاحقا أن هذه الأراضي الشاسعة قارة جديدة وليست آسيا، لهذا تمت تسمية "العالم الجديد" لأول مرة في خريطة مارتن فالدسميلر عام 1507 "أميركا" تكريما لهذا المستكشف الإيطالي.

ولئن درج على الألسن وتدوول أن كولومبوس هو "مكتشف أميركا"، فإن هذه المعلومة خاطئة تاريخيا حسب بعض المؤرخين، لأن أول من وصل القارة الأميركية من البشر هم شعوبها الأصليون الذين هاجروا إليها واستوطنوها، كما كانت معروفة للعديد من الحضارات البحرية.

وفاته

عندما عاد كولومبوس من رحلته الأخيرة إلى إسبانيا في 7 نوفمبر/تشرين الثاني 1504، كان يبلغ من العمر 53 عاما، وكان في حالة صحية سيئة، وقضى الأشهر الأخيرة من حياته في حزن وفي حالة ذهنية مضطربة.

توفي وهو في 55 من عمره في 20 مايو/أيار 1506 وسط عائلته في بلد الوليد بإسبانيا، على إثر نوبة قلبية بسبب ما يعرف بـ"متلازمة رايتر" (النقرس أو التهاب المفاصل) التي كان يعاني منها منذ عدة سنوات (وفقا لفرضية البروفيسور رودريغيز كوارتيرو من جامعة غرناطة).

ودفن في دير كارثوسيان في سانتا ماريا دي لاس كويفاس بإشبيلية.

المصدر : مواقع إلكترونية