التطبيع بالمغرب.. يقظة شعبية يواجهها القضاء بعدم الاختصاص
الحسن أبو يحيى-الرباط
أثار وجود شركة إسرائيلية في المعرض الدولي الفلاحي الذي ينظمه المغرب سنويا سخط مناهضي التطبيع، واعتبروه مخالفا للقوانين الوطنية ومسّا بمشاعر الشعب الذي يعتبر القضية الفلسطينية قضية وطنية، وهو ما دفعهم إلى رفع دعوى قضائية ضد وزارة الفلاحة سرعان ما قضت فيها محكمة الرباط الابتدائية بعدم الاختصاص.
وبينما يعتبر مناهضون للتطبيع أن ما وقع يرفع اللبس عن تعامل الجهات الرسمية بالمغرب مع ملف التطبيع ويفضح تدبير الدولة للعلاقة مع الكيان الصهيوني، يؤكد آخرون أن القوى الحية ستواصل مقاومتها للتطبيع مسنودة بالأغلبية من الشعب المغربي وغير مبالية بالفقاعات.
وتقدمت مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين أمام المحكمة الابتدائية بالرباط بدعوى استعجالية ضد وزير الفلاحة والصيد البحري المغربي عزيز أخنوش تطالب بمصادرة سلع هذه الشركة وطردها، وفتح التحقيق حول ملابسات الترخيص لها لتوجد رسميا بالمغرب.
ملف قانوني
ومع أن المحكمة قبلت النظر في الدعوى، إلا أنها حكمت بعدم الاختصاص، وهو ما اعتبره منسق مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين عبد القادر العلمي أمرا مؤسفا وغير مبني قانونيا.
وقال العلمي للجزيرة نت إننا نعتبر أن القضاء تهرب من البت في الموضوع "لكننا سنستمر في مواجهة هذه الأساليب وغيرها من الأشكال التطبيعية، خاصة وأننا وجدنا أن الشركة وضعت ملفا قانونيا من أجل الترخيص لها بفتح فرع بالمغرب، وسنعمل ما في وسعنا لطردها وتطهير التراب الوطني من هذه الشركة الصهيونية المنتمية لكيان يغصب أرض أشقائنا الفلسطينيين ويدنس أرضا مقدسة بالنسبة للشعب المغربي".
من جانبه اعتبر رئيس المرصد المغربي لمناهضة التطبيع محمد ويحمان أن "الكيان الصهيوني يختار خطواته التطبيعية الاستفزازية بعناية، فقد علمنا أن الشركة المذكورة وضعت ملفها القانوني لدى السلطات الإدارية بالمغرب يوم 30 مارس/آذار، وهو التاريخ الذي يصادف يوم الأرض في فلسطين بما يعنيه ذلك من إمعان في استفزاز شعور المغاربة".
واعتبر ويحمان في حديثه للجزيرة نت أن ما وقع يرفع اللبس عن تعامل الجهات الرسمية بالمغرب مع ملف التطبيع، "فوجود ملف قانوني للشركة يفضح تدبير الدولة للعلاقة مع هذا الكيان، مع العلم أنه كلما رصدنا اختراقا صهيونيا أو حركة تطبيعية متسللة إلا ويبادر المسؤولون إلى القول بأنه لا وجود لأي علاقات رسمية بين المغرب والكيان الصهيوني".
تحمل المسؤولية
وقال ويحمان إن القضاء كان عليه أن يتحمل المسؤولية في بحث هذه المسألة ويحدد الجهة التي تقف وراء المس بكرامة المغاربة الذين يعتبرون القضية الفلسطينية قضية وطنية، وهم الذين بُحت حناجرهم في مختلف المسيرات الشعبية برفع شعارات من قبيل "المقاومة أمانة والتطبيع خيانة".
وبالموازاة مع نظر القضاء المغربي في الدعوى المرفوعة ضد وزارة الفلاحة، نظم الائتلاف المغربي من أجل فلسطين ومناهضة التطبيع وقفة بمدينة مكناس للتنديد بمشاركة هذه الشركة، وإدانة التطبيع مع الكيان الصهيوني.
وبمدينة الرباط بساحة الجولان استنكرت هيئات مدنية عدة بالمغرب مشاركة رسام الكاريكاتير الصهيوني ميشيل كيشكا في المعرض الذي يستضيفه المعهد الفرنسي بالرباط .
وقالت في بيان لها "من غير المقبول الترحيب بأناس يزعمون أنهم يدافعون عن السلام وهم يحملون السلاح ويشاركون في الاعتداء على الشعب الفلسطيني"، ووصف البيان المعهد الفرنسي بـ"حصان طروادة سهّل وقوع هذه المهزلة وتحوّل إلى آلة ساخرة للتطبيع".
وعن هذه الوقفة، قال ويحمان إنها تبعث رسالة إلى فرنسا مفادها أن المغرب بلد حر ومستقل ولم يعد تحت الحماية الفرنسية، وأضاف ويحمان "سنواصل مع باقي القوى الحية كفاحنا مسنودين بالأغلبية الساحقة من الشعب المغربي، وغير مبالين ببعض الفقاعات هنا وهناك الداعية إلى التطبيع مع الصهيونية التي باتت تهدد الأمن الوطني المغربي بهذه الاختراقات وغيرها مما رصدنا ومما يخفى".