هل أصبح السيسي وسيطا بين حلفائه وخصومهم؟
واستهل شكري جولته من العاصمة الأردنية عمان التي التقى فيها الملك عبد الله الثاني ونظيره الأردني أيمن الصفدي، حيث هيمنت الأزمة اللبنانية على مباحثات الطرفين.
وبحسب بيان للخارجية المصرية، فإن شكري سيزور أيضا الرياض وأبو ظبي والكويت والمنامة ومسقط، وسينقل رسائل شفهية من الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى قادة هذه الدول، كما سيبحث معهم الأزمة في لبنان وملفات أخرى توتر المشهد العربي.
وتثير جولة شكري ورسائل السيسي التي سيحملها معه مزيدا من علامات الاستفهام بشأن الموقف المصري وحقيقة عدم انسجامه مع مواقف حلفائه -خاصة السعودية– من الأزمات في المنطقة، خاصة الأزمة في لبنان.
السيسي وحزب الله
كما كرر في ثلاث مناسبات تأكيده أن مصر لن تتخذ إجراءات ضد حزب الله اللبناني ردا على الدعوة السعودية التي جاءت على لسان الوزير ثامر السبهان، كما أعلن معارضته أي حرب بالمنطقة، وذلك في إجابته عن سؤال بشأن احتمالات شن حرب على حزب الله.
وعلى الرغم من أن السيسي غلف تصريحاته ومواقفه بعبارات التأكيد على أن أمن الخليج من أمن مصر ورفضه التدخلات الإيرانية في الشؤون العربية فإن الموقف غير المنسجم مع السعودية فيما يتعلق بلبنان أثار علامات استفهام كبرى.
وقرأ مراقبون مصريون وعرب في جولة شكري بأنها تحتمل أكثر من تفسير، حيث اعتبر البعض أنها تعبر عن موقف مصري مغاير حقيقة للمقاربة السعودية في لبنان، حيث لا تتفق مصر مع السعودية في إشعال الجبهة الداخلية اللبنانية ضمن سعيها إلى تقليم أظافر إيران بالمنطقة.
وهنا برزت تسريبات لبنانية عن أن الرئيس اللبناني ميشال عون لم يجد عند اتصاله بالسيسي للتباحث فيما يتعلق باستقالة الحريري إلا حيرة وشعورا بالمفاجأة، وعدم معرفته بالمبررات السعودية وراء دفع الحريري نحوها.
كما تبرز تسريبات عن أن القاهرة أجرت اتصالات مع أطراف لبنانية وحثتها على الهدوء، عوضا عن اتصالات الأطراف اللبنانية بالقاهرة لحثها على ممارسة الضغوط على السعودية لتجنيب لبنان التحول إلى ساحة حرب جديدة للسعودية مع إيران.
الاندفاع السعودي
واللافت أن محللين اعتبروا أن القاهرة باتت متخوفة من الاندفاع السعودي في العديد من الملفات بالمنطقة بدءا من الملف اليمني الذي تحول لأزمة سياسية وإنسانية وأمنية، ثم الأزمة الخليجية التي تراوح مكانها مع تعطيل الوساطة الكويتية، وصولا للشعور بأن ما تعيشه السعودية من الداخل بات يقلق حلفاء المملكة أكثر مما يطمئنهم.
تفسير آخر يتحدث عن أن جولة شكري ربما جاءت نتيجة توافق مع السعودية لإنقاذها من الأزمات التي باتت تعيشها، خاصة فيما يتعلق بالملف اللبناني، ولا سيما مع دخول أطراف دولية على خط أزمة استقالة الحريري، وأبرزهم فرنسا التي يرى البعض أن القاهرة سبقتها للعب دور الوسيط لإيجاد حل للأزمة التي وجدت الرياض نفسها وحيدة فيها بعد أن باتت المواقف الدولية تجمع على المطالبة بـ"الإفراج" عن تحركات الحريري، ولا تتعاطى مع الأسباب التي تسوقها السعودية لها.
وفي هذا الإطار، تبرز آراء لمحللين لبنانيين طالبوا في الأيام الأخيرة بأن ترث مصر الدور السعودي في لبنان، وذلك على وقع ما يصفونه بتهور الرياض، ومقاربات مصر الأكثر انسجاما مع الوضع اللبناني الداخلي.
تبريد الملفات
كما تبرز تفسيرات تتحدث عن أن القاهرة لديها حاجات داخلية تدفعها إلى السعي لتبريد ملفات المنطقة، وعلى رأسها انشغالها بملف إعادة انتخاب السيسي لولاية ثانية، إضافة إلى تخوفها من أن تؤثر خطوات ولي العهد السعودي نحو تحجيم دور الأمراء على استثمارات هؤلاء الكبيرة في مصر التي تعيش أزمة اقتصادية مركبة.
وأمام هذه المعطيات جميعا يجد مراقبون أنفسهم أمام تساؤل إن كانت مصر تسعى فعلا إلى استعادة دورها في ملفات المنطقة، وينطلق هؤلاء من العودة القوية للقاهرة في ملف المصالحة الفلسطينية، والموقف المختلف في لبنان.
لكن السؤال يبقى عن كيفية توفيق القاهرة بين العودة إلى لعب دورها المركزي، وحاجتها التي لا تتوقف لمساعدات عواصم خليجية أثبتت الوقائع أنها لم تكن "مجانية" بل على حساب أدوار مصر في ملفات إقليمية مهمة.